والذي يعمل الأعمال التي أشار إليها السائل الكريم يعتبر ديوثاً فاقداً للغيرة والكرامة والمروءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة | وعن أبي أمامة: أن فتى شابا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أتذن لي بالزنى، فأقبل عليه القوم فزجروه وقالوا: مه مه، فقال: ادنه فدنا منه قريبا فجلس، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك |
---|---|
قال القرطبي : في الآية ما يَدُلّ على تحريم المزامير والغناء واللهو ، لقوله : وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ | ، فإذا كان القرد يغار على عرضه، ويستقبح الزنا، فكيف لا يغار الإنسان على عرضه ؟ فأي رجل يقبل أن يجعل زوجته أو ابنته أو أمه أو أخته متاعاً وسلعة مجانية للناس، فقد رضي لنفسه أن ينزل عن مرتبة بعض الحيوانات |
قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداك | |
---|---|
فهل رأيت مُطرِبا يَدعو إلى فضيلة ؟! قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم | موافقة هذا التحريم للفطرة التي فطر الله الناس عليها، من الغَيْرة على العِرْض ، وبعض الحيوانات تغار على عرضها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون قال : رأيت في الجاهلية قرداً زنا بقردة، فاجتمع القرود عليها، فرجموها حتى ماتت! فلا مانع من أن يبحث المؤمن عن الحكمة حتى يزداد يقينه بكمال هذه الشريعة ، وأنها ـ حقاًّ ـ من عند الله تعالى ، وليستطيع بذلك مجادلة غير المسلمين ، وإقناعهم بأن هذه الشريعة حق |
ولم يكتفِ بتحريم الزنا وما يؤدي إليه في سعيه للحفاظ على الأعراض، بل شرّع آداب الاستئذان وأمر بها، ولم يُبِح اقتحام البيوت دون إذن أصحابها، وجعل الاستئذان فرضاً من أجل حماية العِرض وحُرمة البيت، كما حرّم قذف المُحصنَات واعتبر ذلك كبيرة من ، ووضع له حدّاً خاصاً، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ، وقد حرّم كذلك أنواع الشذوذ الجنسيّ كلها؛ من لواط وسحاق وغيره؛ حمايةً للمسلم وعِرضه وشرفه.
14