وقال : السَّكِينَة: ما يجده القلب من الطُّمَأنِينة عند تنزُّل الغيب، وهي نور في القلب يَسْكُن إلى شاهده ويطمئن | قال: ثمَّ أقلع عنِّي ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبةٌ |
---|---|
و هذه الآيات التي سأذكرها هي أحد بنود هذه الوصفة ، إذا قرأها موقنا بها قلبه ، فإنها — بإذن الله — من أعظم الأسباب في سكون القلب و تلاشي اضطرابه ، و هي تشمل كل ما ذكر من لفظ السكينة في القرآن ، جُمعت هنا ليسهل حفظها ، مع تذكير سريع بالأجواء التي نزلت فيها ليتيسر فهمها و هي كالتالي : 1- وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة :248} قال الشيخ ابن عثيمين في تفسير هذه الآية " و التَّابُوتُ شيء من الخشب أو من العاج يُشبه الصندوق ، ينزل و يصطحبونه معهم ، و فيه السكينة — يعني أنه كالشيء الذي يُسكنهم و يطمئنون إليه — و هذا من آيات الله " و قال " و صار معهم — أي التابوت — يصطحبونه في غزواتهم فيه السكينة من الله سبحانه و تعالى : أنهم إذا رأوا هذا التابوت سكنت قلوبهم ، و انشرحت صدورهم " 2- في يوم حنين و في تلك الساعات الحرجة ، التي قال الله عنها وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ {25} نزلت السكينة فقال تعالى : ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ {التوبة : 26} 3- و لو نظر أحد المشركين الى ما تحت قدمه في يوم الهجرة لرأى النبي و صاحبه قال ابن سعدي : " فهما في تلك الحالة الحرجة الشديدة المشقة ، حين انتشر الأعداء من كل جانب يطلبونهما ليقتلوهما فأنزل الله عليهما من نصره مالا يخطر على بال " فقال تعالى : إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {التوبة :40} 4- وفي الحديبية تزلزلت القلوب من تحكم الكفار عليهم فنزلت في تلك اللحظات السكينة فقال تعالى : هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً {الفتح :4} ، و الظاهر - و الله أعلم — بأن الحديبية كانت من أشد المواقف التي أُمتحن فيها المسلمون ، يدل على ذلك تنزّل السكينة فيها أكثر من مرة كان هذا الموقف أحدها |
وهم الصَّحابة ، الذين استجابوا لله ولرسوله، وانقادوا لحكم الله ورسوله، فلمَّا اطمأنَّت قلوبهم لذلك، واستقرَّت، زادهم إيمانًا مع إيمانهم.
23يقول تعالى: "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ" أي: جعل الطُّمَأنِينة | تطرد الحزن والضعـف والمعصية والقلق |
---|---|
وقال قتادة: الوَقَار في قلوب المؤمنين | وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه : اللهم لولا أنت ما اهتدينا |
ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ.
11السكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله في قلوب عباده ، فتبعث على السكون والوقار ، وتثبت القلب عند المخاوف ، فلا تزلزله الفتن ، ولا تؤثر فيه المحن ، بل يزداد إيمانا ويقينا | |
---|---|
وقد ذكرها الله عز وجل في ستة مواضع من كتابه الكريم، كلها تتضمن هذه المعاني من الجلال والوقار الذي يهبه الله تعالى موهبة لعباده المؤمنين، ولرسله المقربين | وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدِّمة: إنِّي باعث نبيًّا أمِّيًّا، ليس بفظٍّ ولا ، ولا صخَّابٍ في الأسواق، ولا متزيِّنٍ بالفحش، ولا قوَّالٍ للخَنَا |