و أما معنى الحديث فقد قال النووي : قالوا: هو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون " يا خيبة الدهر " ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر " أي : لا تسبوا فاعل النوازل فإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها ، وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى | قوله: "يسب الدهر": الجملة تعليل للأذية، أو تفسير لها، أي: بكونه يسب الدهر، أي: يشتمه ويقبحه ويلومه وربما يلعنه - والعياذ بالله - يؤذي الله، والدهر: هو الزمن والوقت، وقد سبق بيان أقسام سب الدهر |
---|---|
قوله: «فإن الله هو الدهر» | وهذا أحسن ما قيل في تفسيره ، وهو المراد |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن سب الدهر محرم شرعاً، سواء عبر عنه بالدهر أو الزمن أو اليوم أو الوقت، فقد جاء في الحديث القدسي: يقول الله تعالى: يؤذنيي ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
21تؤخذ من قوله: «يؤذيني ابن آدم» | |
---|---|
قال العماد ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن دهرية الكفار، ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ} ما ثم إلا هذه الدار، يموت قوم ويعيش آخرون، وما ثم معاد ولا قيامة | قال الإمام البغوي في تفسيره: "وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَمُّ الدَّهْرِ، وَسَبِّهِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَكَارِهِ، فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ، وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرِ |
وقال الداودي : هو دعاء على الدهر بالخيبة وهو كقولهم قحط الله نوءها يدعون على الأرض بالقحط ، وهي كلمة هذا أصلها ثم صارت تقال لكل مذموم.
20