وما تفرقوا إلّا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم | أهمية العلم والعلماء في الإسلام هو النور الذي يُخرج الناس من الظلمات، وهو الوسيلة لبناء المجتمع والارتقاء به، كما أنّ فوائد العلم وأهميته لا تنحصر فقط في أمور الفرد الحياتية وفي صناعة التقدّم للأمم، إنّما للعلم فوائد عديدة في الإسلام، فقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على العلم لما له من نفع في الدارين الدنيا والآخرة، فهو يرفع من شأن المؤمن عند الله وعند الناس، وقد نبّه الرسول عليه الصلاة والسلام من ضياع وأكّد على أهميته؛ حيثُ إنّ ضياعه يعني ضياع الأمم، ويعد العلم نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى التي أنعم بها على عباده، ففيه الخير والهداية والرفعة والبركة، ولأهمّيّة افتتح الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز به، فكان أول ما نزل على الرسول الكريم قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ |
---|---|
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه عنهم -الجهّال-: "يميلون مع كل راع لم يتضيئوا بنور العلم" أي لم يحصل لهم من العلم نور يفرّقون به بين الحق والباطل لعدم متابعتهم للعلماء، وعدم تعلمهم منهم العلم | والتعرُّف على لغات الدنيا معناه الاطلاع على علومهم ومعارفهم، والتعمُّق في دراسة تجاربهم، فيَحذر الشر والخطأ والزلل، ويستفاد من تجارب الخير والنفع التي فيها، ومن هنا يمكن التفاعل معها والزيادة عليها أو نقدها؛ كما فعَل علماء أمة الإسلام، فقدَّموا بذلك خِدمات جليلة للعالم، كان من أثرها أن بقِيت الحضارة العالمية تستفيد منها عدة قرون، وأُسِّست عليها نهضتُها الحديثة |
قال ابن القيم رحمه الله تعالى بعد أن ذكر جملة من فضائل العلم والعلماء: "والأحاديث في هذا كثيرة ، وقد ذكرنا مائتي دليل على فضل العلم وأهله في كتاب مفرد ، فيا لها من مرتبة ما أعلاها ، ومنقبة ما أجلها وأسناها: أن يكون المرء في حياته مشغولا ببعض أشغاله، أو في قبره قد صار أشلاء متمزقة ، وأوصالا متفرقة، وصحف حسناته متزايدة يملي فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب، تلك والله المكارم والغنائم، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات، وتتوجه نحوها الطلبات، فنسأل الله الذي بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه، وأصحاب هذه المرتبة يدعون عظماء في ملكوت السماء؛ كما قال بعض السلف:من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء" انتهى كلامه.
4نسأل الله عز وجل أن يفتح لنا أبواب العلم والدعوة، وأن يثبتنا جميعا في الدنيا والآخرة | اعلم أولًا ثم استغفر، إذًا العلم مقدم على العمل؛ لأن الإنسان ربما يعمل كثيرًا ويكون عمله مردودًا غير مقبول؛ لأنه يعبد الله عز وجل على ، فلا بد أن يتعلم الإنسان أولًا، ثم يعبد الله عز وجل على بصيرة |
---|---|
العالم يأخذ مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يفرق بين النبي وبين العالم إلا درجة النبوة | اهـ وعلوم الدنيا كالطب والهندسة والفلك وغيرها مما ينفع الناس، لصاحبها من الثواب والأجر بقدر نيته الصالحة في نفع الناس، والارتقاء بمجتمعه وأمته حتى لا تكون عالة على غيرها من الأمم، وهذه العلوم النافعة هي من فروض الكفايات التي يجب أن ينفر لها طائفة من المسلمين؛ ليغنوا مجتمعاتهم عن الحاجة إلى غيرهم، ومن نفر إليها مخلصا لله تعالى فهو مشارك في رفع الحرج عن عموم المسلمين، وله من الأجر بقدر نيته الصالحة |
والعلماء هم أخشى الناس لله، وهم أعبد الناس لله تعالى؛ قال تعالى مادحاً إياهم { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } أي الخشية كل الخشية في قلوب العلماء الذين تعلّموا العلم وصدَقوه عملاً لله جل وعلا | لتحدثنا عن كتبهم؛ تفاسيرَ وصحاحًا، مسانيدَ ومعاجمَ، مطولات وأجزاءً، رسائلَ وأقاصيصَ، كتبَ طبٍّ وجبر وكيمياء، وأحياء وفلك، وكتبَ عروض وفروض |
---|---|
وقال رضي الله عنه وأرضاه: "تعلّموا العلم وعلّموه الناس، وتعلّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه" |
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « فريضة على كل مسلم »، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « العلم عِلْمان، علم في فذاك العلم النافع، وعلم على فذاك حجة الله على ابن آدم ».
27