ويترقب المحب الصادق بكل اشتياق الفرصة التي يبذل فيها نفسَه وكل ما يملك دون حبيبه، والمحبون الصادقون للنبي صلى الله عليه وسلم كانوا دائمًا على أتمِّ الاستعداد لفدائه بالأنفس وكل عزيز عليهم دونه صلى الله عليه وسلم، والذين كانوا بعد عصره صلى الله عليه وسلم كانوا يجدون حسرة في قلوبهم على فوات هذه الفرصة | الاقتداء به قال الله -تعالى-: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ، فقد أمر الله المسلمين بالاقتداء بالنبي، وجعل ذلك سبباً للهداية، فقال: قُلْ أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ، فإن اقتدى المسلم برسوله نال الاستقامة على طريق الهدى والحق، والثبات على أوامر الإسلام |
---|---|
أتى موقع "قبلة الدنيا مكة المكرمة" في فضاء هذه القرية الكونية ، ليسدّ فراغاً حول أعظم مدينة على وجه الأرض | ويرى آخرون أن المحبة لا توصف بوصف أظهر من المحبة ، وإنما يتكلم الناس في أسبابها، وموجباتها، وعلاماتها، وشواهدها، وثمراتها، وأحكامها ، فالحب كلمة دائرة على ألسنة الناس، رمزًا لتعلق القلوب وميلها إلى ما ترضاه وتستحسنه، ويطلق في اللغة على صفاء المودة، والمحبة على درجتين: - إحداهما فرض: وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية، ثم الاتباع له فيما بلغه عن ربه بفعل الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، فهذا القدر لابد منه، ولا يتم الإيمان بدونه |
هكذا كان الصادقون في محبتهم له صلى الله عليه وسلم؛ وكيف نحن؟! الاقتداء به يقول الله -تعالى-: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ، فأن رسول الله — صلى الله عليه وسلم — هو معلم الناس الخير ، والحق ، ويجب على كل مسلم محباً له أن يجعله قدوته التي يقتدي بها في كل أفعاله ، وأقواله كما أن خير صفات يمكن أن يقتدي بها المرء درجات حب النبي صلي الله عليه وسلم قال ابن رجب — رحمه الله : محبة النبي على درجتين : إحداهما : فرض ، وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية، ثم حسن الاتباع له فيما بلغه عن ربه من تصديقه في كل ما أخبر به، وطاعته فيما أمر به من الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، ونصرة دينه، والجهاد لمن خالفه بحسب القدرة.
حُبُّ النبي صلى الله عليه وسلم مِن الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه مِن وَلَدِهِ ووالِدِه، والناسِ أجمعين | |
---|---|
فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمكة : ما أطيبك من بلد , وأحبك إلي , ولولا أن قومك أخرجوني منك , ما سكنت غيرك ومن مظاهر محبة مكة المكرمة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اهتزاز جبلي حراء وثبير تحت قدميه صلى الله عليه وسلم عندما صعد عليها | فقال عمر: " والذي أنزل عليك الكتاب لأنت أحب إلي من نفس التي بين جنبي" |
أما ابن عمه وزوج بنته فقد سئل -رضي الله عنه-: كيف كان حُبكم لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ.
28وقال الشيخ السعدي رحمه الله: "هذه الآية الكريمة أعظَم دليلٍ على وجوب محبَّة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى تقديمها على محبَّةِ كلِّ شيءٍ، وعلى الوعيد الشديد، والمقْتِ الأكيد على مَن كان شيءٌ مِن المذكورات أحبَّ إليه مِن الله ورسوله وجهادٍ في سبيله، وعلامةُ ذلك أنه إذا عُرض عليه أمران: والآخر: تحبُّه نفسُه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّت عليه محبوبًا لله ورسوله أو يُنقصه، فإنَّه إنْ قدَّم ما تهواه نفسُه على ما يحبُّه اللهُ، دلَّ على أنه ظالمٌ تاركٌ لما يجب عليه" | نماذج مِن محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم: سُئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كيف كان حُبُّكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "كان أحبَّ إلينا مِن أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمَّهاتنا، ومِن الماء البارد على الظمأ"، لهذه الدرجة كان الصحابة يحبُّون النبيَّ صلى الله عليه وسلم، وفيما يلي سأذكر لكم بعضَ المواقف المعبِّرة عن هذا الحُبِّ، وما هي حصْر، بل غيْضٌ مِن فيْض |
---|---|
وهذه الشروط تحث كل مسلم على ضرورة الشرعي، فبالعلم تكون محبة المسلم على أساس متين، ويكون المؤمن بهذه المنهجية على بصيرة بما يفعله، فيجني أثر العبادة التي تكون وفق ما أمر الله تعالى وتبعا لما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم | فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل كل مصيبة تهون وتصغر إلا مصيبتك يا رسول الله، يا الله ما أعظمها من نفوس وما أعظمه من حب صادق خالط بشاشة القلوب |
وقد نقل الحافظُ ابن حجر عن علماء الملة علامات ومقاييس لمعرفة محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلب الشخص وعدمها؛ ومن أشهر تلك العلامات ما يلي: أولًا: فَقْدُ رؤيته يكون أشد عليه من فَقْدِ أي شيء آخر في الدنيا.
29