ويرجع السبب في تسمية أبي بكر -رضي الله عنه- بالصديق إلى أنه كان دائماً ما يصدق النبي -عليه الصلاة والسلام- بما يقول، ويوم حادثة الإسراء والمعراج جاء إليه كفّار وقالوا له: "إن صاحبك يزعم أنه أُسري به"، فقال: "إن كان قال فقد صدق"، وتجدر الإشارة إلى أن الصديق -رضي الله عنه- أفضل هذه الأمة بعد صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: كُنَّا نُخَيِّرُ بيْنَ النَّاسِ في زَمَنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَنُخَيِّرُ أبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ | وَيُقَالُ : إِنَّهَا فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ : فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ ، اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ فَطَلَّقَهَا ، فَكَانَتْ تَلْقُطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ : أَنَا الشَّقِيَّةُ |
---|---|
إسلامه كان الصّديق -رضي الله عنه- تاجراً معروفاً في قريش، ذا علمٍ وعقلٍ، مرشداً لقومه، محبوباً بينهم، جميل المجالسة، وكان -رضي الله عنه- صديق رسول الله -عليه السلام- في طفولته وشبابه قبل الإسلام وبقي على ذلك بعده، وعندما نزل على سيدنا محمد -عليه السلام- كان الصدّيق أوّل رجل علِم بذلك، فقد أخبره- عليه الصلاة والسلام- عن الوحي والإيمان بالله وتوحيده، فما كان منه -رضي الله عنه- إلا أن قال: "صدقت"، فما شهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذباّ منذ طفولته، فأسلم -رضي الله عنه- خاضعاً مستسلماً لله تعالى، وكان أوّل من أسلم من الرجال رضي الله عنه | ومن ورعه رضي الله عنه وخوفه من أكل المال الحرام ما حدثت به عائشة رضي الله عنها قالت: "كان لأبي بكر غلام يُخرج له الخراج، وكان أبوبكر يأكل من خراجه، فجاء يومًا بشيء فأكل منه أبوبكر، فقال له الغلام: أتدري ما هذا؟ فقال أبوبكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسن الكهانة إلا أني خدعته، فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه، قالت عائشة: فأدخل أبوبكر يده فقاء كل شيء في بطنه" رواه البخاري |
قبض صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء رضي الله عنهن.
ولما تولى أبو بكر الخلافة أمر أن يُبعث الكلبي، وألا يبقى بالمدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف، واقترح بعض الصحابة على أبي بكر بأن يبقي الجيش فقالوا: «إن هؤلاء جلُّ المسلمين، والعربُ على ما ترى قد انتقضت بك، فليس ينبغي لك أن تفرق عنك جماعة المسلمين»، فقال أبو بكر: « والذي نفس أبي بكر بيده، لو ظننت أن السباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله ، ولو لم يبق في القرى غيري لأنفذته» | فكان أبو بكر أول من أسلم من الرجال الأحرار، وبذلك قال ، وهو المشهور عن جمهور |
---|---|
عند ذلك، أمر أبو بكر المسلمين بالنفير إلى الجهاد، وأمر فنادى في الناس: «أن انفروا إلى جهاد عدوكم الروم بالشام»، وكتب إلى أهل يدعوهم إلى الجهاد، فانساح أهل اليمن من جميع أرجائها بأعداد هائلة، كلهم خرجوا طواعية غير مكرهين | إرسال الجيوش الإسلامية إلى المرتدين خرج أبو بكر بالصحابة لقتال المرتدين، فعرض عليه الصحابة أن يبعث غيره على القيادة وأن يرجع إلى المدينة ليتولى إدارة أمور الأمة، وجاء فأخذ بزمام راحلته، فقال: « إلى أين يا خليفة رسول الله؟ أقول لك ما قال رسول الله يوم أحد يقصد قول الرسول لأبي بكر : شم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك لا يكون للإسلام بعدك نظام أبداً»، فرجع |
وَخَمْسٌ مِنْهُنَّ مِنْ قُرَيْشٍ : عَائِشَةُ ، nindex.
وحين مرض النبي صلى الله عليه وسلم، أمر النبي أبا بكر أن يُصلي بالناس؛ ولذا قال عمر رضي الله عنه: أفلا نرضى لدنيانا مَن رضيه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لديننا؟! وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته مولده : ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر صفته : كان أبو بكر رضي الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم | وَيُرْوَى عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ سَنَاءَ بِنْتَ الصَّلْتِ السُّلَمِيَّةَ ، فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا |
---|---|
يُزعم أن أبا بكر هو أول ذكر اعتنق الإسلام، ولكنَّ كثيراً من المؤرخين المسلمين يشكون في وجهة النظر هذه | وقد بايع الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب أبا بكر في اليوم التالي لوفاة الرسول محمد، وهو يوم الثلاثاء، قال : لما صعد أبو بكر المنبر، نظر في وجوه القوم، فلم ير الزبير بن العوام فدعا بالزبير فجاء، فقال له أبو بكر: « يا ابن عمة رسول الله وحواريه، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟»، فقال الزبير: « لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله »، فقام الزبير فبايع أبا بكر، ثم نظر أبو بكر في وجوه القوم، فلم ير علياً بن أبي طالب، فدعا بعلي فجاء، فقال له أبو بكر: « يا ابن عم رسول الله وختنه على ابنته، أتريد أن تشق عصا المسلمين؟»، فقال علي: « لا تثريب عليك يا خليفة رسول الله »، فقام علي فبايع أبا بكر |
وَيقول صلى الله عليه وسلم عَنْهُ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ويقول صلى الله عليه وسلم: مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَداً يُكَافِئُهُ اللَّهُ بِهِا يَوْمَ القِيَامَةِ ويقول الإمام عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه لأصحابه:ناشدتكمُ اللهَ أيُّ الرجلينِ خيرٌ:مؤمنُ آلِ فرعونَ أو أبو بكرٍ؟ فأمسكَ القومُ، فقال عليٌّ: واللهِ، ليومٌ واحدٌ من أبي بكر، خيرٌ من مؤمنِ آلِ فرعونَ، ذاكَ رجلٌ كَتَمَ إيمانَه فأثنى الله عليه، وأبو بكرٍ بذلَ نفسَه ودمَه ومالَه في سبيل الله وأنزل الله في فضائل أبي بكر رضي الله عنه آياتٍ من القرآن الكريم، منها قول الله عز وجل: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ولَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ المقصود هو أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَوَصَفَهُ رَبُّهُ بِالْفَضْلِ.
1