وقول الرسول : « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه» | كان كذا، قال لي كلمة كرهها فقال: قل لي كما قلت حتى يكون قصاصا فأبيت، فقال رسول الله : « أجل فلا ترد عليه، ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر» ، فقلت: غفر الله لك يا أبا بكر |
---|---|
هذه الدرجة العالية من الفضل، والإيمان جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمئن إلى إيمان الصديق، وإلى تصديق الصديق حتى في غيابه، وهذه درجة عالية جدًّا في الفضل، بمعنى إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرًا عجيبًا غريبًا قد يشك فيه بعض الناس، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمئن، ويضمن أن يصدقه الصديق حتى قبل أن يعرف موقف الصديق، درجة متناهية في الفضل بين الصحابة، وهاكم دليلاً على ذلك: - أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم أقبل على الناس فقال: « بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا, فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ", فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ, فَقَالَ: "فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ" -أي لم يكونا موجودين في هذا اللقاء الذي يتحدث فيه رسول الله، ثم يكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي"، فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ, قَالَ: "فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ» | ثم يكمل عمر يصحح المفاهيم للأمة، ويقول: ألا وإنها -أي بيعة الصديق- قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها |
فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، فقالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته».
13وهذه عبارة هامة جدًّا، يقصد عمر أن عملية الانتخاب الفجائية كان من الممكن أن يتبعها شر عظيم، فلا بد أن تعقد الشورى بين كل الأطراف الذين يستعان برأيهم في هذه الأمور، وبيعة الصديق الفجائية كان من الممكن أن لا تقر من عامة المسلمين، لولا أن المبايع هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ولو تخيلنا أن المهاجرين انقسموا على أنفسهم فاختار بعضهم طلحة مثلاً، واختار بعضهم عليًّا مثلاً، واختار بعضهم عمر مثلاً، وهكذا، كيف يجتمعون؟ ولذلك قال عمر بن الخطاب تعقيبًا على هذا الكلام: وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر | وقد استنكر قوم ربيعة أن يذهب أبو بكر يشتكي إلى رسول الله وهو الذي قال ما قال، ولم يعلموا ما عمله أبو بكر من لزوم إنهاء قضايا الخصومات، وإزالة ما قد يعلق في القلوب من الموجدة في الدنيا قبل أن يكتب ذلك في الصحف ويترتب عليه |
---|---|
وقال إسحاق بن راهويه هو عندي ممن يضع الحديث | فَسَمِعَهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: بَلَى لَعَمْرِي ، لأَحْلُبَنَّهَا لَكُمْ ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ لا يُغَيِّرُنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ خُلُقٍ كُنْتُ عَلَيْهِ |
فأنزل الله: وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
20وفي رواية الطبراني زاد: فيعلم بذلك صلى الله عليه وسلم، ولا ينكره | والحاصل : أننا لم نقف على القصة المذكورة ، ولا ما يشبهها ، من وجه مقبول ، يسوغ نشرها ، أو تداولها |
---|---|
ثم يكمل: وما وجدتها في كتاب الله سبحانه وتعالى، ولا كانت عهدًا عهده إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا حتى يكون آخرنا | فكيف صبر على المراجعة في هذه الكتب جميعاً؟ بل وكيف صبر على جهد التأليف ومشاقّه؟ هذا هو الجواب بقلمه في مقدمة الكتاب: "كنت أريد أن أسلك في هذا الكتاب سبيل الدراسة التحليلية، ولكن "المكتبة العربية" تريد تاريخاً صحيح السند، مضبوط الرواية، وأن أجمع في كتاب واحد ما تفرق من سيرة الصديق الأعظم في عشرات الكتب التي لا يعرفها ولا يصل إليها إلا رجل له بصر بالتاريخ، وصبر على البحث، وباع في الأدب، ومشاركة في العلوم الإسلامية كلها |
من هو ابو بكر الصديق قصة إسلام ابو بكر الصديق » لقي ابو بكر الصديق رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركك آلهتنا، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءنا؟»، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إني رسول الله يا أبا بكر، ونبيه بعثني لأبلغ رسالته، وأدعوك إلى الله بالحق، فو الله إنه للحق أدعوك إلى الله يا أبا بكر، وحده لا شريك له، ولا نعبد غيره، والمولاة على طاعته أهل طاعته» وقرأ عليه آيات من القرآن فأسلم لله ورسوله، يقول صل الله عليه وسلم: «ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عتم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه»، لذلك دعي بالصديق فكان أصدق هذه الأمة وأتقاها.