{حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} أي وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم وأبواب الجنة ثمانية وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال : أن في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخلها إلا الصائمون رواه البخاري ومسلم في الصحيحين {وقال لهم خزنتها} عند استقبالهم {سلام عليكم} أي سلامة من الله عليكم يحيونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا وقيل هو دعاء لهم بالسلامة والخلود أي سلمتم من الآفات {طبتم} أي طبتم بالعمل الصالح في الدنيا وطابت أعمالكم الصالحة وزكت وقيل معناه طابت أنفسكم بدخول الجنة وقيل أنهم طيبوا قبل دخول الجنة بالمغفرة واقتص لبعضهم من بعض فلما هذبوا وطيبوا قال لهم الخزنة طبتم عن قتادة وقيل طبتم أي طاب لكم المقام عن ابن عباس وقيل إنهم إذا قربوا من الجنة يردون على عين من الماء فيغتسلون بها ويشربون منها فيطهر الله أجوافهم فلا يكون بعد ذلك منهم حدث وأذى ولا تتغير ألوانهم فتقول الملائكة {طبتم فادخلوها خالدين} أي فادخلوا الجنة خالدين مخلدين مؤبدين | أمّا العبارة الأخيرة فتقول : {فنعم أجر العالمين} |
---|---|
مع أن هذه التّفسيرات جيدة ولا يوجد أي تعارض فيما بينها ، إلاّ أنّ هناك نقطة اُخرى يمكن أن تكون هي التّفسير الأصح لهذه العبارة ، وهي مهما كان حجم عشق المتقين للجنّة ، فإن الجنّة وملائكة الرحمة مشتاقة أكثر لوفود أُولئك عليهم ، كما هو الحال بالنسبة إلى المستضيف المشتاق لضيف والمتلهف لوفوده عليه إذ أنّه لا يجلس لانتظاره وإنّما يذهب لجلبه بسرعة قبل أن يأتي هو بنفسه إلى بيت المستضيف ، فملائكة الرحمة هي كذلك مشتاقة لوفود أهل الجنّة | كما احتملوا أن جواب الجملة محذوف ، والتقدير سلام من الله عليكم ، أو أن حذف الجواب إشارة إلى أن سعة الموضوع وعلوه لا يمكن وصفها ، والبعض قال : فتمت هي الجواب و الواو زائدة |
وقوله : {وقيل الحمد لله رب العالمين} كلمة خاتمة للبدء والعود وثناء عام له تعالى أنه لم يفعل ولا يفعل إلا الجميل.
ولهذا تقول العبارة التالية {وقضى بينهم بالحق} | والمعنى وقال المتقون بعد دخول الجنة : الحمد لله الذي صدقنا وعده أن سيدخلنا أو أن سيورثنا الجنة نسكن منها حيث نشاء ونختار - فلهم ما يشاءون فيها - |
---|---|
عند تفسير الآية 54 من سورة الأعراف ج 3 ص 339 بيّنا ان المراد من العرش - بشهادة القرآن - ان الأمر كله للَّه ، والمعنى المراد هنا ان الملائكة لا يصدرون إلا عن أمر اللَّه ، كما جاء وصفهم في الآية 26 من سورة الأنبياء : {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} | ولكن الكثير من المفسّرين ذكروا لهذه الجملة معنىً خبرياً عند تفسيرها ، وقالوا : إنّ الملائكة تخاطبهم بأنّكم تطهرتم من كلّ لوث وخبث ، وقد طهرتم بإيمانكم وبعملكم الصالح قلوبكم وأرواحكم ، وتطهرتم من الذنوب والمعاصي ، ونقل البعض رواية تقول : إنّ هناك شجرة عند باب الجنّة ، تفيض من تحتها عينا ماء صافيتان ، يشرب المؤمنون من إحداهما فيتطهر باطنهم ، ويغتسلون بماء العين الأُخرى فيتطهر ظاهرهم ، وهنا يقول خزنة الجنّة لهم : {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} 3 |
أو أنّها تعني أن لكل إنسان مكان في الجنّة وآخر في جهنم ، فإن ارتكب عملا استحق به جهنم فإن مكانه في الجنّة سوف يمنح لغيره ، وإن عمل عملا صالحاً استحق به الجنّة ، فيمنح مكاناً في الجنّة ويترك مكانه في جهنم لغيره.
7