تكون الاستخارة في أمور الدنيا التي أباحها الله لنا، مثل: العمل، والزواج، والسفر، والشراكة، وغير ذلك، ولا تكون في الأحكام الشرعية التي بنيت على القرآن والسنة، أو الأحكام التي باجتهاد العلماء تم قياسهما استنادًا على أحكام شرعية تماثلها | ومما لا شك فيه أنك تعلم أخي المسلم أن الأعمال بالنيات، فلا يجب أن تكون الاستخارة التي تؤديها بها نية شر أو ما إلى ذلك من أعمال لا تصلح |
---|---|
وفقك الله لما فيه الخير والصلاح وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين |
ج: صلاة الاستخارة سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف.
وصفتها: أن يصلي ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعةٍ فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم يرفع يديه بعد السلام ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك، وهو: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويُسميه بعينه من زواجٍ أو سفرٍ أو غيرهما خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به رواه الإمام البخاري في "صحيحه" | ولا يندم أبداً من سأل الله واستعان به فيما يطرأ عليه من أمور دنياه كلِّها كما علَّمنا نبيُّنا محمَّدٌ -صلَّى الله عليه وسلَّم- |
---|---|
دعاء الاستخارة بدون صلاة دعاء الاستخارة بدون صلاة هذا السؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين، هل يجوز إذا ألم بي أمر أن أصلي الاستخارة وأنا في حالة لا تسمح بأداء الصلاة؟؛ كأن تكون امرأة حائض أو نفساء أو كأن يكون الوقت ضيق، ويحتاج إلى اتخاذ قرار سريع، ولا يمكن للإنسان أن يصلي قبل اتخاذ القرار، فما الحل عندئذٍ؟ الإجابة على هذا التساؤل، هو أن الاستخارة عبارة عن دعاء الله —عز وجل-؛ ليهدي قلبك إلى خير الأمرين، ويصرفك عن شرهما، وقد شرعت الاستخارة بعد الصلاة حتى يكون ذلك أقرب إلى الإجابة، وأدعى للقبول، ويكون القلب حاضرًا |
حكمها: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاسْتِخَارَةَ سُنَّةٌ، وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ الحديث.
27ويجدر الانتباه إلى معنى آخر يظهر في قول واصْرِفْنِي عنْه ؛ وهو أنّ الإنسان يجهل مآل الأمور وعاقبتها، فقد يتعلَّق قلبه بأمرٍ يعتقد الخير فيه، فيحرص عليه ويسأل به الله، بل يُلحّ ويجتهد في دعائه للحصول عليه، إلّا أنّ الله -تعالى- لا يُقدّره له لشرٍّ فيه، فيكون قول واصْرِفْنِي عنْه فيه سؤال الله -تعالى- بصرف الشرّ وما قد يُرافقه من تعلّق القلب به، أمّا قول ثُمَّ رَضِّنِي به ؛ تُفيد سؤال العبد لله -تعالى- بأن يرزقه الرضا على نعمه وما قدّره له، الراضي يمتلئ قلبه بالراحة والطمأنينة، ويخلو من الحسد والغيرة والضغينة، ومَن تسخَّط ولم يرضَ كان قلبه على خلاف ذلك، ومن خلال ما سبق يتّضح أنّ دعاء الاستخارة مليءٌ بمظاهر الخضوع لله -تعالى- والتّذلل والافتقار إليه -سبحانه-، كما أنه يورث القلب الطمانينة وهداة البال | حسام عفانة 2010 ، ، صفحة 171، جزء 6 |
---|---|
صلاة الاستخارة من الصلوات التي تهم العديد من الناس، والسبب في ذلك هو ما تجلبه هذه الصلاة المباركة — بفضل الله — من راحة لمن يؤديها من المسلمين، ومفعولها السحري في تيسير أمور المسلمين وتسهيل حياتهم، ففي أوقات كثيرة يكون العبد حائرا في أمور كثيرة في حياته، ولا يجد دائما الإجابات التي ترضيه من الناس ولذلك يتجه إلى ربه داعياً إياه أن يوفقه في أمره ويهديه إلى الطريق الصحيح | وقول فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ ؛ تُفيد تَبرُّؤ العبد وتجرّده من حَوْلِه وقدرتِه القاصرة وعلمِه المحدود، واللّجوء إلى الله -تعالى- القادر على كلّ شيءٍ والعالم به، وأمّا قول اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي ؛ تُفيد تفويض العبد لله -تعالى- العالم بمآل الأمور كلّها بأن يُقدِّر له ما كان فيه خيرَيّ الدنيا ، وممّا لا شكّ فيه أنّ سعادة العبد تكمن في الرضا بما اختاره الله وقدّره له |
وعن أبي أيوب الأنصاري —رضي الله عنه-، أن رسول الله —صلى الله عليه وسلم-، قال: «اكتم الخطبة، ثمّ توضأ فأحسن الوضوء، ثمّ صلّ ما كتب الله لك، ثمّ أحمد ربك و مجّده، ثمّ قل: اللّهم إنّك تقدر ولا أقدر، و تعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، فإن رأيت لي في فلانة تسميها باسمها خيرًا لي في دنياي وآخرتي، فاقض لي بها أو قال: فاقدرها لي، و إن كان غيرها خيرًا لي منها في ديني و دنياي و آخرتي فاقض لي بها، أو قال فاقدرها لي.
14